فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْ بَعْثِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لِقَتْلِهِ كَعْبَ بْنَ الأَشْرَفِ بِمَا يَدْفَعُ التَّضَادَّ عَنْ مَا تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ قَدْ ضَادَّ مَا فِيهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لِكَعْبٍ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏,‏ قَالَ‏:‏ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا‏,‏ ‏[‏ قَالَ‏:‏ قُلْ ‏]‏ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَقَدْ عَنَّانَا و‏[‏ إنِّي قَدْ أَتَيْتُك أَسْتَسْلِفُكَ قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا وَاَللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إنَّا ‏]‏ قَدْ اتَّبَعْنَاهُ وَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ‏:‏ أَيَّ شَيْءٍ تَرْهَنُونِي قَالُوا‏:‏ وَمَا تُرِيدُ مِنَّا‏؟‏ قَالَ‏:‏ تَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ قَالُوا أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ كَيْفَ نَرْهَنُك نِسَاءَنَا‏؟‏ فَأَبَوْا فَأَبَى قَالُوا‏:‏ يَكُونُ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْنَا قَالَ‏:‏ فَتَرْهَنُونِي أَوْلاَدَكُمْ قَالُوا‏:‏ يَا سُبْحَانَ اللهِ يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ‏:‏ رُهِنْت بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ‏,‏ قَالُوا‏:‏ نَرْهَنُك اللَّأْمَةَ‏.‏

قَالَ‏:‏ تُرِيدُونَ السِّلاَحَ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَجَاءَهُ لَيْلاً فَلَمَّا أَتَاهُ نَادَاهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ‏,‏ وَهُوَ مُتَطَيِّبٌ فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ إلَيْهِ وَقَدْ كَانَ جَاءَ مَعَهُ بِنَفَرٍ ثَلاَثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَرِيحُ الطِّيبِ يَنْضَحُ مِنْهُ فَذَكَرُوا لَهُ قَالَ عِنْدِي فُلاَنَةُ وَهِيَ مِنْ أَعْطَرْ نِسَاءِ النَّاسِ قَالَ تَأْذَنُ لِي فَأَشَمُّ قَالَ نَعَمْ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَشَمَّهُ قَالَ أَعُودُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ قَالَ دُونَكُمْ فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلاَنِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ أَخِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ قَالَ ذُكِرَ قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابْنُ يَامِينَ كَانَ قَتْلُهُ غَدْرًا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَا مُعَاوِيَةُ أَيُغْدَرُ عِنْدَك رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تُنْكِرُ وَاَللَّهِ لاَ يُظِلُّنِي وَإِيَّاكَ سَقْفُ بَيْتٍ أَبَدًا وَلاَ يَخْلُو لِي دَمُ هَذَا إِلاَّ قَتَلْتُهُ فَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ فِيمَا رَوَيْنَا مِمَّا كَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابِهِ قَدْ دَخَلُوا بِهِ فِي خِلاَفِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ كُنْت أَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْمُخْتَارِ فَلَمَّا تَبَيَّنَتْ لِي كِذَابَتُهُ هَمَمْتُ وَاَللَّهِ أَنْ أَسُلَّ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ عُنُقَهُ حَتَّى ذَكَرْت حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ مَنْ آمَنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ومِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ نَصْرٍ الْعُصْفُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْمُخْتَارِ فَلَمَّا سَمِعْتُ كِذَابَتَهُ هَمَمْتُ أَنْ أَخْتَرِطَ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ عُنُقَهُ حَتَّى ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَمِنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَأَيُّوبُ فِي الْحَرْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا اخْتِلاَفَهُمَا فِيهِ‏,‏ وَهُوَ آمَنَ وَأَمِنَ وَقَالَ أَيُّوبُ أَمِنَ‏,‏ وَهُوَ الصَّحِيحُ‏.‏

ومِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ أَبِي نُصَيْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ رِفَاعَةَ الْقِتْبَانِيِّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقِتْبَانُ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ دَخَلْت عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِذَا وِسَادَتَانِ مَطْرُوحَتَانِ فَقَالَ يَا جَارِيَةُ هَلُمِّي لِفُلاَنٍ وِسَادَةً فَقُلْت مَا بَالُ هَاتَيْنِ فَقَالَ قَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا جِبْرِيلُ وَعَنْ الآُخْرَى مِيكَائِيلُ وَمَا مَعْنَى أَنْ أَقْتُلَهُ إِلاَّ حَدِيثٌ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قُلْت وَمَا حَدَّثَك قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ مَنْ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا‏.‏

وَقَدْ حَقَّقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُد مَنْ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ‏,‏ صِحَّةُ مَا رَوَى أَيُّوبُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِمَّا خَالَفَنَا فِيهِ عَلِيٌّ وَكَانَ مَا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ جَهْلاً بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَسَعَتِهَا إذْ كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ هُوَ عَلَى مَنْ كَانَ آمِنًا إمَّا بِالإِسْلاَمِ وَإِمَّا بِذِمَّةٍ وَإِمَّا بِأَمَانٍ بِإِعْطَاءٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إيَّاهُ ذَلِكَ الأَمَانَ حَتَّى صَارَ بِهِ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَحَتَّى صَارَ بِهِ دَمُهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ حَرَامًا عَلَى أَهْلِ الْمِلَّةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ جَمِيعًا فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهِ مَنْ ائْتَمَنَ أَيْ‏:‏ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ وَفِي ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا بِأَمْنِ كَافِرٍ لاَ يَحِلُّ أَمَانُهُ لِمَلِيٍّ وَلاَ لِذِمِّيٍّ وَلاَ يَكُونُ لِمَلِيٍّ وَلاَ لِذِمِّيٍّ إعْطَاؤُهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الأَذَى لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَمَّنَهُ لَمَا أَمِنَ بِذَلِكَ وَلاَ حَرُمَ بِهِ دَمُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ائْتِمَانِ كَعْبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ كَلاَ ائْتِمَانٍ وَأَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ فِي حِلِّ دَمِهِ كَهُوَ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى مَا ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَادَتْ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ إلَى انْتِفَاءِ التَّضَادِّ عَنْهَا وَانْصَرَفَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا إلَى خِلاَفِ الصِّنْفِ الَّذِي انْصَرَفَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْهَا‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ مِنْ قَوْلِهِ بَايَعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لاَ أَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ ثنا سَعِيدٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ بَايَعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لاَ أَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لاَ يَكُونَ سُجُودُهُ إِلاَّ خُرُورًا مِنْ قِيَامِهِ لِتَكُونَ صَلاَتُهُ لاَ شَيْءَ فِيهَا مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ مُصَلِّيهَا فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَى صَلاَتِهِ‏.‏

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْت عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ‏:‏ صلى الله عليه وسلم لاَ تُجْزِئُ صَلاَةٌ لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ فَأَخْبَرَ حَكِيمٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ تَكُونَ صَلاَتُهُمْ الصَّلاَةَ الَّتِي عَلَّمَهُمْ إيَّاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ الصَّلاَةَ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَقَالَ آخَرُونَ الْخُرُورُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ الْخُرُورُ بِالْمَوْتِ مِنْ حَالِ الْقِيَامِ وَمِنْ حَالِ الْقُعُودِ إلَى الأَرْضِ الَّتِي يَخِرُّ إلَيْهَا مِنْ الْقِيَامِ وَمِنْ الْقُعُودِ فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَمُوتُ إِلاَّ‏,‏ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الإِسْلاَمُ يُرِيدُ بِقِيَامِهِ ذَلِكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا أَيْ‏:‏ بِالْمُطَالَبَةِ لَدَيْهِ وَطَلَبِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَوْتِ وَهِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ‏,‏ وَهُوَ الَّذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَايَعَ عَلَيْهِ غَيْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏;‏ لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعْصُومًا غَيْرَ مَوْهُومٍ مِنْهُ زَوَالُ الْحَالِ الَّتِي بِهَا ثَبَتَتْ بَيْعَتُهُ عَلَى مُبَايَعَتِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏

فَمَا رُوِيَ مِمَّا بُويِعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الْحَرَّةِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ هَاذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ‏:‏ لاَ أُبَايِعُ أَحَدًا عَلَى هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ حَكِيمٌ فِي حَدِيثِهِ مِمَّا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْبَيْعَةَ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ وَاَلَّتِي لاَ تَجُوزُ إِلاَّ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُلُّ هَذِهِ الآُصُولِ الَّتِي تَأَوَّلَ عَلَيْهَا حَدِيثُ حَكِيمٍ هَذَا مُحْتَمَلَةٌ أَنْ يَكُونَ مَا تَأَوَّلَتْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ حَكِيمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا كَانَ أَرَادَ مِنْهَا وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُؤَذِّنِينَ أَنَّهُمْ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْمُؤَذِّنِينَ أَحَدَ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى مِمَّا يُعَانُونَهُ مِنْ الأَذَانِ وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ بِأَحْسَنِ مَا ذَكَرَ بِهِ أَحَدًا مِمَّنْ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلَى اللهِ‏}‏ الآيَةَ وَكَانَ الْعَامِلُونَ بِأَصْنَافِ طَاعَاتِ اللهِ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَتَطَاوَلَ إلَى ذَلِكَ أَعْنَاقُهُمْ وَيَكُونُونَ فِي الْعُلُوِّ بِذَلِكَ أَضْدَادًا لِمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِهِ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ فِيمَا كَانُوا يُعَانُونَهُ مِنْ أَذَانِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ بِهِ فَوْقَ مَا غَيْرُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ سِوَاهُ فِي مُعَانَاتِهِمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا بِعُلُوِّ أَصْوَاتِهِمْ فِي أَذَانِهِمْ الَّذِي كَانُوا يُعَانُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَإِتْبَاعِهِمْ ذَلِكَ إقَامَاتِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ بِأَصْوَاتِهِمْ وَاسْتِعْلاَئِهِمْ عَلَى الأَمْكِنَةِ الَّتِي يَأْتُونَ بِالأَذَانِ فِيهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لاَ خَفَاءَ بِهَا جُعِلُوا فِي ذَلِكَ فِي طُولِ أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى ثَوَابِهِمْ عَلَيْهِ فَوْقَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الأَعْمَالِ بِطَاعَاتِ اللهِ سِوَاهُ فِي انْتِظَارِ الثَّوَابِ لَهُ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَجِدْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَالَ النَّاسُ فِيهِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ رَسُولُهُ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لأَزْوَاجِهِ رضي الله عنهن أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدَيْنِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَرْبَعًا‏,‏ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام مَنْ يُدْخِلُ هَذِهِ قَبْرَهَا قُلْنَ‏:‏ مَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ صَنَاعًا يَعْنِي بِمَا يُقِيمُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا بِطَبَرِيَّةَ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ثنا أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لأَزْوَاجِهِ يَتْبَعُنِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَكُنَّا إذَا اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ إحْدَانَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عليه السلام نَمُدُّ أَيْدِيَنَا فِي الْجِدَارِ نَتَطَاوَلُ فَلاَ نَزَالُ نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ زَوْجُ النَّبِيِّ عليه السلام وَكَانَتْ امْرَأَةً قَصِيرَةً يَرْحَمُهَا اللَّهُ وَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَنَا يَدًا فَعَرَفْنَا حِينَئِذٍ أَنَّ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ عليه السلام الصَّدَقَةَ قَالَتْ وَكَانَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةً صَنَاعَةَ الْيَدِ تَدْبَغُ وَتَخْرُزُ وَتَصَّدَّقُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَدْ عَرَفَهُ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ مَعَ قِصَرِ يَدَيْهَا لِلْخَيْرِ الَّذِي كَانَتْ تَكْتَسِبُهُ بِهِنَّ أَنَّهَا أَطْوَلُهُنَّ يَدَيْنِ أَيْ‏:‏ بِالْخَيْرِ لاَ بِمَا سِوَاهُ وَكَفَانَا عَنْ الْكَلاَمِ فِي تَأْوِيلِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ مَا قَالَهُ فِيهِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ فَقُلْت مَا هَذَا قَالُوا‏:‏ بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ قُلْت‏:‏ وَمَا هُوَ قَالَ يُحْمَلُ الْحِمَارُ عَلَى الْفَرَسِ فَيَكُونُ مِثْلَ هَذَا أَوْ يَخْرُجُ مِثْلَ هَذَا قُلْت‏:‏ أَفَلاَ نَحْمِلُ فُلاَنًا عَلَى فُلاَنَةَ قَالَ‏:‏ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَالِمٌ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحْمِلَ الْحُمُرَ عَلَى الْبَرَاذِينِ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِيُّ لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ كَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ثنا لَيْثٌ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَشَاحِيِّ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إِلاَّ بِثَلاَثٍ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَأَنْ لاَ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ لاَ نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ‏,‏ ثُمَّ ذُكِرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ‏;‏ لأَنَّ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا قَوْلَ النَّبِيِّ عليه السلام إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لَكَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْيًا لِلنَّاسِ جَمِيعًا عَنْ إنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَصَّهُمْ يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ بِأَنْ لاَ يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَ نَهْيُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَتَجَاوَزْ بَنِي هَاشِمٍ إلَى غَيْرِهِمْ وَكَانَ نَهْيُهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ قَدْ عَمَّ النَّاسَ جَمِيعًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ‏.‏

أَنَّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ كَانَ جَوَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِيمَا قَالَ لَهُ‏:‏ لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ جَاءَنَا مِثْلُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ‏;‏ أَيْ‏:‏ أَنَّ الْحُمُرَ إذَا حَمَلَتْ عَلَى الْخَيْلِ كَانَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِغَالاَتٌ وَبِغَالٌ لاَ ثَوَابَ فِي ارْتِبَاطِهَا وَلاَ سُهْمَانَ لَهَا فِي الْغَنَائِمِ لِمَنْ غَزَا عَلَيْهَا وَإِذَا حُمِلَتْ الْخَيْلُ عَلَى الْخَيْلِ كَانَتْ عَنْهَا خَيْلاً فِي ارْتِبَاطِهَا الثَّوَابُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مُرْتَبِطِيهَا وَارْتِبَاطِهِمْ إيَّاهَا‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُسَدَّدٌ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ثنا أَبِي عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي زِيَادٍ التَّيْمِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ ثنا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ ابْنِ إدْرِيسَ وَابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ فَقِيلَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّ ذَاكَ قَالَ‏:‏ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ زَادَ ابْنُ إدْرِيسَ وَالإِبِلُ عِزٌّ لأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ وَقَفَ عَلَيْنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِنَا فَحَدَّثَنَا قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ أَبُو قُرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَشِيُّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ثنا سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْصُوبٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا‏.‏

وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ تَدْخُلُ فِي هَذَا النَّوْعِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَرْنَا بَعْضَهَا لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِهِ مِمَّا يَجِيءُ فِيمَا بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي جَوَابِهِ إيَّاهُ عَنْ قَوْلِهِ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ أَيْ‏:‏ أَنَّ مُنْتِجِي مَا لاَ ثَوَابَ فِي إنْتَاجِهِ وَلاَ سَهْمَ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَ الْغَزْوِ عَلَيْهِ وَتَارِكِي إنْتَاجِ مَا فِي إنْتَاجِهِ ثَوَابٌ وَالسُّهْمَانِ فِي الْغَنِيمَةِ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ فَهَذَا وَجْهُ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى اخْتِصَاصِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ أَنْ لاَ يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لِمَعْنًى كَانَ فِيهِمْ قَدْ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيَّنَ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَصَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ثنا مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ ثنا أَبُو جَهْضَمٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ بِثَلاَثٍ أَنْ لاَ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ وَأَنْ لاَ نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ قَالَ فَلَقِيت عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ‏,‏ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ كَانَتْ الْخَيْلُ قَلِيلَةً فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحَبَّ أَنْ يَكْثُرَ فِيهِمْ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لِلآخَرِ مِنْهُمَا‏,‏ وَأَنَّ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الآخَرِ مِنْهُمَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذُّلِّ بِالزَّرْعِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا دَخَلَتْ هَذِهِ بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا فَوَجَدْنَا وِلاَيَةَ خَرَاجِ الأَرْضِينَ وَجِبَايَةَ أَمْوَالِهَا وَوَضْعُهَا فِي مَوَاضِعَهَا الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهَا فِيهَا إلَى الْمُسْلِمِينَ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ أَئِمَّتُهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَضَعُونَهُ فِيمَا يَجِبُ وَضْعُهُ فِيهِ وَكَانَ مَا تَوَلَّاهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ دَخَلَ فِيمَا يُوجِبُ الْخَرَاجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَادَ بِهِ مَطْلُوبًا بِمَا كَانَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ طَالِبًا فَكَانَ فِي ذَلِكَ دُخُولُ الذُّلِّ عَلَيْهِمْ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رِزْقِهِ‏,‏ وَعَنْ انْتِقَالِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ عَنْهُ وَعَنْ لُزُومِهِمَا مُخَالَفَتَهُ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لِيُعْبَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ رُمْحِي وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ قِسْمَتِهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ بِالْعَدْلِ عَلَيْهِنَّ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ‏.‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ بِطَبَرِيَّةَ أَبُو أَيُّوبَ‏,‏ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ كَانَ بِابْنِ خَلَفٍ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ‏,‏ وَهُوَ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ فِعْلَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الإِشْفَاقِ وَالرَّحْمَةِ مِنْهُ عليه السلام مِنْ اللهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُنَّ‏,‏ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا عَنْ الْعَدْلِ مَيْلاً مِنْ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِهِنَّ بِمَا لَمْ يَمِلْ بِمِثْلِهِ إلَى بَقِيَّتِهِنَّ‏,‏ وَذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِمَّا الْعِبَادُ فِيهِ سَوَاءٌ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّحْذِيرِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَكَانَ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا عَنْ الآُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ أَوْ قَالَ سَاقِطٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قوله تعالى ‏{‏وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ‏}‏ أَنَّ ذَلِكَ أُرِيدَ بِهِ مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِكُمْ لِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ‏,‏ وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ لَهُمْ عَنْهُ إذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ دَفْعَهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَجْتَلِبُوهُ إلَى قُلُوبِهِمْ فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَرَادَهُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى الإِشْفَاقِ وَعَلَى الرَّهْبَةِ مِمَّا يَسْبِقُ إلَى قَلْبِهِ مِمَّا قَدْ يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْهُ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ غَلَبَتِهِ عَلَيْهِ‏,‏ وَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِثْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ مِمَّا قَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ وَمَا تَعَمَّدَ وَمَا أَخْطَأَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ لَمَّا خَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ تَقَرُّبُهُ مِمَّا تَعَمَّدَهُ وَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ وَأَمْرِهِ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانُ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ‏,‏ ثُمَّ مَا شَاءَ مُحَمَّدٌ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ثنا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَرَاجَعَهُ فِي بَعْضِ الْكَلاَمِ فَقَالَ‏:‏ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَشِئْت فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجَعَلْتَنِي مَعَ اللهِ عَدْلاً لاَ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَنْبَأَنِي قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ يَسَارٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ‏,‏ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ‏,‏ ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي النَّوْمِ قَوْمًا مِنْ الْيَهُودِ فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ قَالَ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ إنَّهُ رَأَى قَوْمًا مِنْ النَّصَارَى فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ قَالَ وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَصَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُهَا مِنْكُمْ فَتُؤْذِينِي فَلاَ تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ‏,‏ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ‏,‏ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ‏.‏

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانَ الْبَصْرِيُّ أَبُو شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى‏,‏ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ أَتَى حَبْرٌ مِنْ الأَحْبَارِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَمَا ذَاكَ قَالَ تَقُولُونَ إذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ يُقَالُ فَمَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَجْعَلُونَ لِلَّهِ نِدًّا قَالَ سُبْحَانَ اللهِ قَالَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ قَدْ قَالَ مَنْ قَالَ فَمَنْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ مَعَهَا‏,‏ ثُمَّ شِئْت‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْيَهُ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت وَأَمْرُهُ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ‏,‏ ثُمَّ شِئْت قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الْمَحْظُورِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ قوله تعالى ‏{‏أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ‏}‏ وَلَمْ يَقُلْ‏,‏ ثُمَّ لِوَالِدَيْك فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ هَذَا مِمَّا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مِثْلِهِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ ثُمَّ نَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ فَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِمَا قَدْ كَانَ مُبَاحًا مِمَّا قَدْ تَلَوْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ‏;‏ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يَنْسَخُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَلأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ‏,‏ وَهُوَ قوله تعالى فِيهِ ‏{‏وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ‏}‏ الآيَةَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ يُجْلَدُ وَيُنْفَى وَالثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ عُبَادَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حِطَّانُ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مَا قَالَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً فَكَانَ حَدُّهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُنَّ سَبِيلاً مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ‏,‏ ثُمَّ جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلاً فِيهَا حَدًّا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ فِي تِلْكَ الآيَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ الْقُرْآنَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا قَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قوله تعالى وَالأَرْحَامَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ هَلْ كَانَ بِالنَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْت مُنْذِرَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ قَالَ‏:‏ فَرَأَيْت وَجْهَ النَّبِيِّ عليه السلام يَتَغَيَّرُ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ‏,‏ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ‏,‏ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ أَوْ خَطَبَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إلَى آخِرِ الآيَةِ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ مِنْ شِقِّ التَّمْرَةِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ قَدْ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْت كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَرَأَيْت وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ثنا رَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ الْعَبْدِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ لِبِلاَلٍ عَجِّلْ الصَّلاَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَ نَاسٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مُضَرَ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ مُجْتَابِي النِّمَارِ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ النِّمَارُ الصُّوفُ بِهِمْ ضُرٌّ شَدِيدٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ النَّبِيُّ عليه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ لاَ تَصَدَّقُوا لِيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِرْهَمِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ بُرِّهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ شَعِيرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ تَمْرِهِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ لَهَا مِزٌّ فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ فَسَرَّهُ ذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ‏,‏ ثُمَّ تَسَارَعَ النَّاسُ بَعْدُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا عِنْدَ حَضِّهِ إيَّاهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ أَهْلِهَا مِنْ الْجَهْدِ وَالضُّرِّ وَالْحَاجَةِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى اتَّقُوا الأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا وَكَانَ مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ مَنْ قَرَأَهَا بِالْجَرِّ عَلَى تَسَاؤُلِهِمْ كَانَ بَيْنَهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالأَرْحَامِ وَلَمْ تَكُنْ تِلاَوَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا عَلَى مَنْ تَلاَهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّسَاؤُلِ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْحَضِّ عَلَى التَّوَاصُلِ وَتَرْكِ قَطِيعَةِ الأَرْحَامِ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ لاَ بِالْجَرِّ‏,‏ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ‏}‏ مَنْصُوبَةً يَقُولُ ‏"‏ اتَّقُوا اللَّهَ وَالأَرْحَامَ ‏"‏ وَقَدْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَحْمَدُ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ قَرَأَ عَاصِمٌ وَالأَرْحَامَ نَصَبَ وَنَافِعٌ كَمِثْلِهِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا خَلَفٌ عَنْ الْخَفَّافِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالأَرْحَامَ بِالنَّصْبِ يَقُولُ وَالأَرْحَامَ لاَ تَقْطَعُوهَا‏,‏ وَكَذَلِكَ قَالَ الْكَلْبِيُّ قَالَ خَلَفٌ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ‏.‏

وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْت خَلَفًا يَقُولُ أُخِذَتْ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَخَذْنَا نَحْنُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ سَمَاعًا مِنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا بِهَا حَرْفًا حَرْفًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نَفْسِهِ عَنْ عَاصِمٍ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْطَارِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ‏:‏ هَلْ يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِيمَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً وَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ وَفِي مَا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَعْنِي‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا النَّبِيَّ عليه السلام مِنْ الأَعْرَابِ مُجْتَابِي النِّمَارِ فَحَثَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّدَقَةِ وَكَأَنَّهُمْ أَبْطَئُوا بِهَا حَتَّى رَأَوْا ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِقِطْعَةِ تِبْرٍ فَأَلْقَاهَا فَتَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَلٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمٌ مِنْ الأَعْرَابِ فَأَبْصَرَ عَلَيْهَا الْخَصَاصَةَ وَالْجَهْدَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا وَرَغَّبَهُمْ فِيهَا فَأَبْطَئُوا حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِقَبْضَةٍ مِنْ وَرِقٍ فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ‏,‏ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ‏,‏ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ بِالصَّدَقَةِ حَتَّى رُئِيَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَّافُ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ فِي نَاحِيَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ قَامَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصُرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ تَمْلاَُ مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ‏,‏ ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَى‏,‏ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَأَعْطَى‏,‏ ثُمَّ قَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فَأَعْطَوْا فَأَشْرَقَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْنَا الْفَرَحَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ‏.‏

وَرَوَى حُذَيْفَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ قَائِلٌ فَسَأَلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ‏,‏ ثُمَّ إنَّ رَجُلاً مِنْ الْقَوْمِ أَعْطَى وَأَعْطَى الْقَوْمُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِنْ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُوءًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِنْ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا أَشْبَهُ الْمَعْنَيَيْنِ عِنْدَنَا بِالْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏;‏ لأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مَعَهُ الْعَمَلُ وَمَنْ تَقَدَّمَهُ فَعَمَلُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ قَدْ انْقَطَعَ فَمَعْقُولٌ عِنْدَنَا أَنَّ مَعَ الْمُقْتَدِي فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَعَ الْمُبْتَدِي وَكَذَلِكَ يَكُونُ أَجْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ‏;‏ لأَنَّ الَّذِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ذِكْرُ السُّنَّةِ الْمُسْتَنَّةِ فَهِيَ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ‏:‏ هَلْ يُخَالِفُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْتَهُ مَا قَدْ رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَعِيسَى الْغَافِقِيُّ قَالاَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلاَنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوَاتِبِ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ هَارُونَ الأَزْدِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ثنا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالاَ ثنا أَبُو هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَزَادَ وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَ هَذَا السَّائِلُ مَعَ ذَلِكَ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا النَّبِيلُ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام‏؟‏ قَالَ نَعَمْ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شَيْءٍ لأَنَّ هَذَا فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ حَتَّى قَطَعَهُ مَوْتُهُ عَنْهُ فَبَقِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى نِيَّتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا وَكُتِبَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الثَّوَابِ مَا كَانَ يُكْتَبُ لَهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ فِي إحْرَامِهِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِخَبَرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ يَقُولُ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام فِي سَفَرٍ فَخَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ فَمَاتَ‏,‏ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَادْفِنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُهِلُّ‏.‏

قَالَ لَنَا يُونُسُ‏:‏ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ وَزَادَ فِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُهِلُّ أَوْ يُلَبِّي‏.‏

وَمِثْلَهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الشَّهِيدِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الزُّهْرِيِّ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقَتْلَى أُحُدٍ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَوَجَدُوهُمْ قَدْ مُثِّلَ بِهِمْ فَقَالَ زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلْمٍ كُلِمَ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ رِيحُ مِسْكٍ فَهَذَا أَعْنِي حَدِيثَ فَضَالَةَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِيهَا ذِكْرُ أَحْوَالِ مَنْ كَانَ عَمِلَ فِي طَاعَاتِ اللهِ تَعَالَى حَتَّى قَطَعَهُ عَنْهُ مَوْتُهُ وَذِكْرُ أَحْوَالِهِ الَّتِي يُبْعَثُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِيهِ ذِكْرُ أَعْمَالٍ مُسْتَأْنَفَاتٍ بَعْدَ مَوْتِ ذَوِي الْعِلْمِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ ثَوَابُهَا بَعْدَ مَوْتِهِمْ مُنْضَافًا إلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِمْ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوَّ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلاَ تَعْجِزْ فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ مَوْصُولٌ أَوْ قَدْ دَخَلَهُ تَدْلِيسٌ مِنْ ابْنِ عَجْلاَنَ أَتَاهُ بِهِ عَنِ الأَعْرَجِ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ إيَّاهُ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيَّ الذُّهْلِيَّ أَبَا الْعَلاَءِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلاَ تَعْجِزْ فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ صَنَعَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ مِنْ الشَّيْطَانِ‏,‏ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ وَحِفْظِي لَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ‏,‏ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَوَّلِهِ رَبِيعَةُ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلاَنَ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنِ الأَعْرَجِ تَدْلِيسًا مِنْهُ بِهِ عَنْهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْهُ‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ هَلْ هُوَ سَمَاعُهُ إيَّاهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى التَّدْلِيسِ بِهِ عَنْهُ‏.‏

فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ خَتْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ ولَوْ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ فَوُفِّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ إنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ الأَعْرَجِ‏,‏ ثُمَّ بَانَ لَنَا مَعْنَى ‏"‏ لَوْ ‏"‏ الْمُحَذَّرِ مِنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى أَنَّ ‏"‏ لَوْ ‏"‏ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً فِي كُلِّ الأَشْيَاءِ إذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ إبَاحَتَهَا فِي شَيْءٍ ذَكَرَهَا فِيهِ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ جَوَابِهِ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ السَّاعَةِ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْت مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ‏,‏ إذْ قَدْ كَانَ رَسُولُهُ ذَكَرَهَا فِيمَا ذَكَرَهَا فِيهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ قَالَ ضَرَبَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ أَرْبَعَةٍ‏:‏ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَآتَاهُ عِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالاً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلاَنًا لَفَعَلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَفْعَلُ فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ وَيُنْفِقُهُ فِي الْبَاطِلِ، وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلاَنًا لَفَعَلْت فِيهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ فَلَمْ تَكُنْ ‏"‏ لَوْ ‏"‏ مَكْرُوهَةً فِيمَا ذَكَرْنَا فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَكْرُوهَةٌ مُحَذَّرٌ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَا وَصَفْنَا‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ فِيهِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا كَانَ مِنْ قَوْمٍ ذَمَّهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ قَوْلٍ كَانَ مِنْهُمْ‏,‏ وَهُوَ قوله تعالى ‏{‏يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ‏}‏ فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ ‏{‏قُلْ إنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ‏}‏ ثُمَّ عَادَ يُخْبِرُ عَنْهُمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا أَخْفَوْهُ عَنْ نَبِيِّهِ عليه السلام فَقَالَ ‏{‏يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ‏}‏ ثُمَّ عَادَ تَعَالَى بَعْدُ يُخْبِرُ عَنْهُمْ بِمَا كَانُوا يَقُولُونَ فَقَالَ ‏{‏يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا‏}‏ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ فَقَالَ ‏{‏قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إلَى مَضَاجِعِهِمْ‏}‏‏,‏ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُؤْمِنِينَ مُحَذِّرًا لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَقَالَ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا‏}‏‏,‏ ثُمَّ أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَعْنَى الَّذِي بِهِ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ أُولَئِكَ الْكَافِرُونَ فَقَالَ ‏{‏لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ‏}‏‏,‏ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِحَقَائِقِ الآُمُورِ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا الْخَلْقُ مِنْ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ فَقَالَ ‏{‏وَاَللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ‏}‏ الآيَةَ‏.‏

وَوَجَدْنَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ ‏{‏أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏{‏مِنْ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ ‏{‏بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا‏}‏ الآيَةَ قَالَ فَكَانَ فِيمَا تَلَوْنَا مِنْ اللَّوَّاتِ مَا قَدْ عُقِلَ بِهِ مَا هِيَ فِيهِ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ وَمَا هِيَ فِيهِ مَذْمُومَةٌ‏,‏ وَكَذَلِكَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ‏.‏

ثُمَّ وَجَدْنَا الْعَرَبَ تَذُمُّ اللَّوَّ وَتُحَذِّرُ مِنْهَا فَتَقُولُ‏:‏ احْذَرْ لَوًّا تُرِيدُ بِهِ قَوْلَ الإِنْسَانِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا يَلْحَقُنِي لَعَمِلْت خَيْرًا وَفِيمَا ذُكِرَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ‏"‏ اللَّوَّ ‏"‏ الْمَكْرُوهَةَ هِيَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَا وَعَلَى أَنَّ اللَّوَّ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ هِيَ اللَّوُّ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ أَيْضًا‏.‏

وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الأَزْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك وَمَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أَصَابَك لَوْ فَعَلْت كَذَا‏,‏ وَكَذَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي لَكَانَ كَذَا‏,‏ وَكَذَا وَلَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا‏.‏

وَقَدْ بَانَ مِمَّا شَرَحْنَا وَذَكَرْنَا أَنْ لاَ تَضَادَّ وَلاَ اخْتِلاَفَ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ‏,‏ وَأَنَّ مَا تَلَوْنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى شَادٌّ لِذَلِكَ شَاهِدٌ لَهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ صَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَشَفَعُوا لَهُ أَنَّهُمْ يَشْفَعُونَ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُمْ عَدَدٌ ذُكِرَ مِقْدَارُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ

حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ رَضِيعَ عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ عليه السلام أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نُصَيْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ لاَ يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ثنا إسْمَاعِيلُ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثنا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ النَّاسِ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا يَقُولُ حَمَّادُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ وَالنَّاسُ يُخَالِفُونَهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُونَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ رَضِيعُ عَائِشَةَ‏,‏ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ‏,‏ هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ حَدِيثٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ أَمِيرٍ قَدْ سَمَّاهُ فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِ بِرُءُوسِ الْخَوَارِجِ قَالَ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا رَأَيْتُ رَأْسًا مِنْهَا قُلْت إلَى النَّارِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَكُونُ عَذَابُ هَذِهِ الآُمَّةِ فِي دُنْيَاهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا وَوَلَّاهُ عَلَيْهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ‏,‏ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا كُنَّا فِيهِ مِنْ عَدَدِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ الشُّفَعَاءِ لِصَاحِبِهَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ يَعْنِي السُّكَّرِيَّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي أَبَا مُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيَّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ‏.‏

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَدَدِ الْجَمَاعَةِ الْمُشَفَّعِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ لِكُرَيْبٍ اُنْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ النَّاسِ قَالَ فَخَرَجْت فَإِذَا نَاسٌ قَدْ اجْتَمَعُوا قَالَ أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُوَافِقُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيُخَالِفُ مَا رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً يَشْفَعُونَ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ قَالَ سَلَّامٌ فَحَدَّثْت بِهِ شُعَيْبَ بْنَ الْحَبْحَابِ فَقَالَ حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الاِخْتِلاَفُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَادَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغُفْرَانِ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْهُمْ بِشَفَاعَتِهِمْ لَهُ‏,‏ ثُمَّ جَادَ لَهُ بِالْغُفْرَانِ بِشَفَاعَةِ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ هُوَ آخِرُ مَا كَانَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا جَادَ بِسَبَبِهِ بِالْغُفْرَانِ لِلْمُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِشَفَاعَتِهِمْ وَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُتَقَدِّمَيْنِ لِذَلِكَ فَقَالَ وَلِمَ حَمَلْتَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْت وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ هُمَا الْمُتَأَخِّرَانِ وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَجُودَ بِغُفْرَانٍ بِمَعْنًى‏,‏ ثُمَّ يَرْجِعَ عَنْ الْغُفْرَانِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِمَعْنًى‏,‏ ثُمَّ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَبِأَيْسَرِهِ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِينَ جَادَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ اخْتِلاَفُ الْعَدَدَيْنِ فِي الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏